سبحان من قهر عباده بالموت
يصل الانسان الى هذه الدنيا وهو عاري لايملك اي شيء حتى ورقة توت تستر عورته
ويخرج منها عاريا ملتف بكفن هو قطعة من القماش بالي
وفي هاتين الحالتين فقط يتساوى ابناء البشرية جمعاء وتتجسد صورة العدالة على وجه الأرض والمساواة بين الناس
فيأتي الموت ليحقق العدالة الغائبة المفقوده
لا يفرق شبح الموت بين طفل صغير او شيخ كبير ولا بين ملك و أمير وبين فقيرة و فقير
فالجميع في النهاية الى مثوى واحد
حفر متشابهة يتجاور بها الشجاع والجبان والبخيل والكريم
منذ لحظة الولادة تبدأ الفوارق حيث تلف ابن الملك او الامير قطعة قماش منسوجة بخيوط من الذهب
وتعلن الأفراح والليالي الملاح وتنحر الخرفان والجمال وتقام الموالد والموائد
أما ابن الخادم الفقير فتلفه قطعة من الخام الابيض الغليظ رخيص الثمن
وعند الوفاة يصل الغني في موكب ضخم مليئ باكاليل الزهور والسيارات الفارهة ويصل الفقير على لوح خشب يحمله اربعة من الاشخاص .
ولكن تتحقق بالموت العدالة مباشرة حيث تتساقط كل الالقاب وتلغى الاعراف وتزول المناصب .
يتخيل الظالم انه الاقوى في هذه الارض حين يجبر القضاة على الحكم لمصلحته
ويظن الملوك ان حكمهم مستمر إلى الابد والى اخر الزمان
وأن المراد يأخذ بالقوة مهما كانت الوسيلة فيظلم ويقتل ويسجن ويشرد ويسن الشرائع ويرفع نفسه إلى مقاعد الألهة والعياذ بالله
ويظن نفسه فرعون الأمة ولكن تقف عضلة القلب عن العمل أو تأتي نقطة دم صغيرة يقف أمامها أمهر الاطباء واهم الجراحين عاجزا يهز رأسه باشارة حزن ليعلن وفاة الملك ليتحول اسم صاحب الجلالة والفخامة والسمو إلى المغفور له
ويبدأ هتاف اكرام الميت دفنه فيوضع في قبره بين التراب وحيدا فاما الى جنان الخلود وإما طعام للدود
سبحان من قهر عباده بالموت
عندما يفكر الإنسان بمقولة كل ابن انثى وان طالت اقامته يوما على الة حدباء محمول يدرك عدالة الله موجودة في الموت
ويعلم ان هذا الكأس الذي يجبر الجميع على الشرب منه هو اوضح صورة للعدالة الحقيقية في هذه الدنيا