منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011 ، أصبحت سوريا ساحة لصراعات إقليمية ودولية معقدة، انعكست على المشهد الداخلي بطرق متعددة. وبينما يتحدث البعض عن ضرورة الحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها، ظهرت في السنوات الأخيرة محاولات ودعوات خفية وصريحة نحو فدرلة سوريا كخيار سياسي قد يُفرض كأمر واقع في المستقبل القريب.
التوجه نحو الفدرالية: دوافع محلية وإقليمية
منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011 ، كان واضحاً أن سوريا تواجه تحديات عميقة على المستويين الداخلي والخارجي. تفاقمت الانقسامات الطائفية والعرقية، وبرزت قوى محلية تطالب بالحكم الذاتي أو أشكال من الإدارة الذاتية.
١ الأكراد في الشمال: إعلان الإدارة الذاتية في المناطق الكردية يعكس سعي الأكراد لإنشاء إقليم فدرالي ضمن سوريا موحدة أو كخطوة نحو استقلال مستقبلي. أو حتى تشكيل اقليم موحد مع كردستان العراق واليوم يأتي تردد قسد في التوقيع مع الشرع وضم قواتها تحت مظلة وزارة الدفاع الأمر الذي يرتبط تأخره بانتظار وصول ترامب للحكم
٢ العلويون في الساحل: الحديث عن إقامة دولة علوية على الساحل السوري ليس جديداً، وهذا ما يظهر جليا بعد مطالبات لحماية فرنسية للعلويين كما ان ضبابية الصورة عن ماهر الاسد ترسم غموضا للجميع
٣ الجنوب السوري الواضع للشروط للانضواء تحت مظلة وزارة الدفاع بحجة انهم الواصلين اولا إلى دمشق يوم السقوط بينما الدروز لحد اللحظة يخلطون الاوراق بين مباركين للحكومة الجديدة ومتحفظين نوعا ما إلى جانب زيارة جنبلاط إلى سوريا ولقاء الشرع
٤ اما إسرائيل فكونها السباقة لخلق بلبلة بقصفها للسلاح السوري ودخولها البري في القنيطرة هو الآخر دليل على تنفيذ مخطط كبير يسعى للتقاطع مع رغبتها بقيام دويلات دينية أو عرقية يساعدها في إعلان يهودية اسرائيل
٤ الوضع بلبنان ليس بعيدا عن مايحدث في سوريا فإنهاء حزب الله وانتخاب رئيس جمهورية وتعيين رئيس الوزراء بعد سنتين من الفراغ السياسي
إقليمياً، لا يمكن فصل هذه الطروحات عن الدور التركي والسعودي . فتركيا تسعى لمنع قيام كيان كردي على حدودها، بينما تعمل دول الخليج على إعادة تشكيل المشهد السوري بما يتماشى مع مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية.
الدور الدولي ومحاولات الفدرلة
الدول الكبرى لعبت دوراً بارزاً في دعم أو إحباط محاولات الفدرلة.
الولايات المتحدة وروسيا: أظهرت موسكو وواشنطن استعداداً للتعامل مع كيانات شبه مستقلة في سوريا، طالما أنها تحقق الاستقرار وتخدم مصالحهما.
فرنسا: برزت مؤخراً دعوات خفية لحماية بعض الأقليات في سوريا، ما قد يُفهم على أنه دعم لتقسيم السلطة في البلاد.
التحديات على أرض الواقع
رغم كل هذه المحاولات، يواجه سيناريو الفدرلة عقبات كبيرة:
1. رفض شعبي: معظم السوريين، سواء في الداخل أو الخارج، يرفضون فكرة تقسيم البلاد أو إضعاف مركزية الدولة.
2. التداخل الطائفي والجغرافي: توزيع السكان المعقد يجعل من الصعب رسم حدود واضحة لأي كيان فدرالي.
3. التأثيرات الخارجية: تضارب المصالح الدولية والإقليمية يمنع الوصول إلى توافق حول مستقبل سوريا.
المخاطر والسيناريوهات المستقبلية
الفدرلة ليست مجرد حل إداري، بل هي مشروع سياسي قد يؤدي إلى تقسيم البلاد بشكل فعلي. المخاوف الرئيسية تتمثل في:
خلق كيانات ضعيفة تعتمد على القوى الخارجية.
اندلاع صراعات جديدة بين المكونات المختلفة داخل سوريا.
زيادة النفوذ الإقليمي والدولي على حساب القرار الوطني.
الخاتمة: هل تبقى سوريا موحدة؟
في ظل التعقيدات الحالية، تبدو فكرة فدرلة سوريا كجزء من استراتيجية الأطراف الدولية والإقليمية لإعادة تشكيل المنطقة. ومع ذلك، يبقى الأمل في أن يتمكن السوريون من تجاوز الخلافات والتوصل إلى حل يضمن وحدة البلاد وسيادتها. الفدرالية قد تكون حلًا إداريًا، لكنها في السياق السوري قد تتحول إلى أداة لتفتيت الدولة إذا لم تُبنَ على توافق حقيقي وإرادة وطنية.