إخلاء السبيل هو الإفراج عن مدعى عليه موقوف بملاحقة جزائية وإنه من قبيل إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل التوقيف أو من قبيل إرجاع الأمور إلى طبيعتها،
أي إعادة الحق بالحرية إلى صاحبه.
والأصل أن «كل متَّهم بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم»
ففي المرحلة الفاصلة بين وقوع جريمة وصدور الحكم المبرم بحق مرتكبها،
كثيراً ما تلوح اعتبارات تتصل بالمصلحة العامة التي تتقدم بطبيعة الحال على المصالح أو الحقوق الفردية، ويكون من شأنها أن تستدعي توقيف المدعى عليه استثناء من القاعدة،
التوقيف غير العقوبة والتوقيف يقع قبل العقوبة أو قبل الحكم، وهو تدبير احتياطي، فهو لذلك تدبير مؤقت، ولا بد من انقضائه عاجلاً أو آجلاً على أحد الأشكال التالية:
ـ استرداد مذكرة التوقيف وهو أمر يملكه قاضي التحقيق أيّاً كان نوع الجريمة بشرط موافقة النيابة العامة، ويختلف عن إخلاء السبيل ولا يخضع لأي طريق من طرق المراجعة.
ـ أو إطلاق سراح الموقوف سواء مع القرار بمنع محاكمته من قبل قاضي التحقيق أو من قبل قاضي الإحالة، أو مع الحكم ببراءته من قبل المحكمة.
ـ إخلاء سبيله في مرحلة التحقيق، و في مرحلة المحاكمة، أو أمام محكمة النقض.
ولكن إخلاء السبيل في أثناء التحقيق أو المحاكمة يختلف عن إطلاق السراح بعد قرار منع المحاكمة وبعد الحكم بالبراءة أو بعدم المسؤولية.
فهذا نهائي، في حين يظّل المدعى عليه المخلى السبيل تحت احتمال التوقيف مجدداً.
وفي الأصل، يجوز إخلاء السبيل أيّاً كان نوع الجريمة، وفي جميع أدوار التحقيق أو المحاكمة.
وتظل هذه القاعدة هي المعمول بها وهي السائدة ما لم يعترضها نص خاص يمنع من إخلاء السبيل لاعتبارات من خطورة الجريمة بنظر المشرع أو من سبق فرار المدعى عليه،
مثال ذلك عدم جواز إخلاء السبيل في المحاكمة الجنائية إذا كان المتهم محكوماً غيابياً من السابق وقد قبض عليه أو سلّم نفسه،
ومثله المتهم المحال بجناية من قانون العقوبات الاقتصادية. وكذلك أيضاً يمنع إخلاء السبيل بصورة مطلقة وفي كلا مرحلتي التحقيق والمحاكمة في جرائم التهريب.
حالات إخلاء السبيل
يكون إخلاء السبيل واجباً أو جائزاً. فإخلاء السبيل الواجب هو ما يسمى: إخلاء السبيل بحق.
وقد أوجبه القانون بالشروط التالية:
تكون الجريمة محل الملاحقة من نوع الجنحة فإن كانت مخالفة كان ذلك من باب الأَوْلى.
و يكون الحدّ الأقصى للعقوبة التي تستوجبها الحبس سنة.
وأن يكون قد مضى خمسة أيام على التوقيف.
وأن يكون للمدعى عليه موطن.
وأن لا يكون قد حكم عليه قبلاً بجناية ولا بالحبس أكثر من ثلاثة أشهر من دون وقف التنفيذ.
أما إخلاء السبيل الجائز فيطلب باستدعاء إلى المرجع واضع اليد على الدعوى وهو قاضي التحقيق،
أو قاضي الإحالة، أو محكمة الموضوع أو محكمة النقض تبعاً لتحول الدعوى من مرجع إلى آخر، إلا عند تخلي قاضي التحقيق أو قاضي الإحالة بقرار عدم اختصاص،
فيبقى لهما النظر وبت تخلية السبيل إلى أن تفصل مسألة الاختصاص.
وينظر في الطلب ويبت في غرفة المذاكرة، بعد استطلاع رأي النيابة العامة.
ويقبل طلب إخلاء السبيل أو يرفض، وليس الرفض مانعاً من معاودة الكرة بتقديم طلبات جديدة مرة بعد مرة.
ويكون إخلاء السبيل المقبول بكفالة أو بغير كفالة.وتكون الكفالة نقداً،
أو أسناداً على الدولة أو مضمونة من الدولة، أو ضمانة مصرفية أو عقارية أو تجارية، باستثناء الكفالة أمام محكمتي الجنايات أو النقض،
فيشترط فيها أن تكون نقدية أو مصرفية.
وتضمن الكفالة حضور المدعى عليه إجراءات التحقيق والمحاكمة ومثوله لتنفيذ الحكم إذا صدر بحقه،
كما تضمن تأدية الرسوم والنفقات للمدعي الشخصي أو المتوجبة للدولة، والغرامات.
معاودة التوقيف بعد إخلاء السبيل
إخلاء سبيل المدعى عليه ليس نهائياً بل إن هذا الأخير يظل معرضاً لمعاودة توقيفه :
ـ إن تبينت قبل إقفال التحقيق أسباب طارئة ومهمة تستلزم تجديد التوقيف، فإن قاضي التحقيق يصدر مذكرة بذلك حتى لو كان إخلاء السبيل قد صدر عن قاضي الإحالة.
على أنه يجب في هذه الحالة رفع الأوراق بلا إبطاء إلى قاضي الإحالة لتثبيت مذكرة التوقيف أو لإلغائها.
ـ إذا صدر قرار اتهام جنائي بحق المدعى عليه فيحال المتهم على محكمة الجنايات موقوفاً بموجب مذكرة قبض ولو كان مخلى السبيل بالكفالة.
ـ لو تخلف عن تلبية دعوة للحضور، فلقاضي التحقيق أو للمحكمة إصدار مذكرة توقيف جديدة بحقه،
والحق نفسه يعود لقاضي الإحالة عندما يقرر التوسع بالتحقيق ويتولاه بنفسه.
وليس في القانون ما يمنع في هذه الحالات من معاودة إخلاء سبيل مرة أخرى.
إخلاء السبيل هو الإفراج عن مدعى عليه موقوف بملاحقة جزائية لكن ذلك لا يعني براءة المتهم طيلة فترة المحاكمة