مهما جرب واضع القانون أن يفرض النهج الصحيح على البشر فسيخفق في تلك المهمة لتبدل افكار الناس،
عكس التربية القيمية التي تتعام
أن يفرض النهج الصحيح على البشر فسيخفق في تلك المهمة لتبدل افكار الناس،
هناك اساليب تتعامل مع البشر بكل تفاصيله الصانعة له وتسعى بذلك إلى تفعيل القيم في نهج الشخص كقرار حر دون خوف او اجبار
وهذا ما يمكنها من تحويل العادات اليومية إلى مبادئ اساسية،
فتصبح بذلك افعال الشخص جيدة وصادرة عن صدق قوي غميق بالافكار التي يتبناها بعيدا عن الرعب من أي جزاء أو الفرار من أية عقوبة،
مما يعني استمرار الإنسان في نهجه للسلوك السوي بفعل اقتناعه القيمي على أن ما يتصرف به هو الصواب.
ويبقى التساؤل مشروعاً عن سبب عدم قدرة القانون على صناعة الإنسان السوي في ظل الإصرار المتعمد على تغيب القيم الأخلاقية في كثير من الممارسات القانونية،
إن القانون المكون من القواعد الملزمة العامة التي تظهر لنا الية التحرك والتعاطي مع الحقوق والواجبات والحريات
بالإضافة إلى الجزاء لغير الملتزمين بالنهج الذي يلزم به القانون، وهذه القواعد قد تنجح في بناء شخص صانع لمجتمعه،
لكن لا نستطيع أن نتأكد لنا صناعة الخير في الشخص لتصنع لنا انساناً صحيحاً ووفياً للمبادئ الاخلاقية؛
وذلك من خلال تكوين شخصية إنسان سوي يستطيع أن يسيطر على ذاته ويذهب بها نحو الكمال القيمي المنشود بتميزه بالفضائل النبيلة في علانيته وسره على حد سواء، وهذا كله يحتاج إلى عناية شديدة بالجانب القيمي للإنسان
ومن أهم ما يؤكد على أن القانون يجعل الإنسان ينهج سلوكاً غير سوي ما يلي:
– اهتمام المشرع بتصحبح نهج الإنسان الخارجي دون النهج الداخلي المتمثل في الرقابة الشخصية لافعاله أي صحوة وجدانه
والاستحضار الدائم لوعيه الفردي هو إهمال له مخلفات جسيمة سواء على المستوى الخاص المرتبط بالشخص نفسه أو على المستوى العام المتمثل في علاقاته مع الآخرين.
مهما جرب واضع القانون أن يفرض سلطانه فلا يمكن له أن يتجاوز تصرفات الإنسان ذات المظهر الخارجي، فهو يعمل على تقويم الأفعال الظاهرة لا أكثر وقد يعجز حتى في ذلك.
– لا يمكن أن يُحترم القانون وينصاع له وهو في الأصل غير ساري على الجميع،
وذلك بغياب عدالة تعمُّ الجميع دون استثناء، فلا يصبح للقانون قيمة مادام الحزم في تطبيقه غير واقع.
– قد يعود المعاقب إلى ممارسة السلوكيات المنحرفة وبشكل أشد بمجرد زوال الجزاء المادي المترتب عن مخالفة القانون.
– ظن كثير من الناس أنه مهما انتهكت حرمة القانون فإنه من الممكن أن يَأْمَن من عواقب ذلك
لوجود سلطة وقوة خارجية تحميه من المتابعة والمعاقبة.
– تتبع الإنسان وبحثه المتواصل عن الثغرات التي يحتويها القانون لأنه يدري يقينا أنه لا يفرغ من اماكن ضعف ليتم الاستفادة بشكل خاطئ وسلبي.
– لا يملك القانون فوة ردع تقف في وجه النهج الخاطئ قبل حدوثه، فالقانون ليس سوى شرطي لا يستطيع منع الفعل بحاله التفكير
إن استغلال القانون بطريقة غير أخلاقية يستدعي استحضار الأخلاق لحماية الإنسان من الآثار المترتبة عن ذلك،
فلا يمكن أن نرتقي سلم الإنسانية الحقة وقد جعلنا القيم الأخلاقية تسير وراء القانون وليست هي السابقة له،