الشهادة الكاذبة في قانون العقوبات
في الكثير من الأحيان تستدعي مجريات الدعوى دعوة العديد من الشهود لإثبات واقعة معينة سواء اكانت جزائية أو مدنية
وقد يتوقف إثبات الحق برمته على شهادة شخص كان موجودا عند قيام الواقعة التي يراد إثباتها
من هنا كان للشهادة في الدعوى أهمية قصوى لا تغرب عن بال المعنيين بالشأن القانوني
أو المواطنين عموما على حد سواء .
هنالك حالات عديدة يلجأ فيها احد المتداعين إلى شراء ذمة شخص ما عن طريق الطلب منه بالادلاء بشهادة كاذبة في دعوى معينة
لصرف النظر عن حقيقة الدعوى أو لإثبات شيء معين يفتقر المتداعي لوسائل الاثبات الخاصة به
ومن هنا كانت خطورة الشهادة الكاذبة في القانون
و على المشرع تجريم هذا الفعل نظرا لخطورته لذلك أدرج المشرع السوري الشهادة الكاذبة ضمن الجرائم المخلة
بسير القضاء لأنها تقوم بالأساس على محاولة حرف القضاء وتضليله عن الحقيقة وهي في ذلك تقترب من فعل التزوير
إلا ان التزوير يقع بالمحررات الكتابية بينما تقع الشهادة الكاذبة شفويا .
أولا – أركان جريمة:
1- أداء الشهادة : فلا بد أن يكون الشاهد قد أدلى بشهادته امام دائرة قضائية مختصة حول وقائع شاهدها واتصل علمه بها .
2- تحريف الحقيقة : الأصل في الشهادة ان تنصب حول وقائع محددة يقوم الشاهد بالإدلاء بشهادته بها بعد تحليفه اليمين القانونية
والتي تنص على قوله الصدق دون زيادة او نقصان لكن ما يحصل هو قيام الشاهد بتحريف الحقيقة والوقائع
بما من شأنه أن يؤثر في الفصل في الدعوى
3- وقوع الضرر او احتمال وقوعه : يشترط للعقوبة في جريمة الشهادة الكاذبة أن تسبب ضررا هو عقاب البريء وبراءة المجرم
ويكفي للعقوبة ان يكون الضرر في الشهادة الكاذبة محتملا بغض النظر عن نتيجة الدعوى فحتى لو برئ المتهم بحكم قضائي بغض النظر عن الشهادة الكاذبة في الدعوى فإن الشاهد يعاقب .
4- النية الجرمية : فلا بد أن تنصرف نية الشاهد إلى الكذب وتحريف الحقيقة
لأن جريمة الشهادة الكاذبة هي من الجرائم القصدية التي لا بد فيها من توافر النية
أما إذا أخطأ الشاهد في شهادته لاعتبارات عديدة مثل مرور وقت زمني طويل للحادثة التي يراد اثباتها
أو لضعف في ذاكرة الشاهد فهنا يختلف الأمر ولا يتعرض الشاهد لعقوبة الشهادة الكاذبة .
ثانيا – العقوبة :
تختلف العقوبة باختلاف الدعوى التي أدليت لها حيث أنه من شهد أمام سلطة قضائية أو قضاء عسكري أو إداري
فجزم بالباطل أو أنكر الحق أو كتم بعض أو كل ما يعرفه من وقائع القضية التي يسأل عنها عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات ،
أما إذا أديت شهادة الزور أثناء تحقيق جنائي أو محاكمة جنائية قضي بالأشغال الشاقة عشر سنوات على الأكثر ،
وفي حال نجم عن الشهادة الكاذبة حكم بالإعدام أو بعقوبة مؤبدة فلا تنقص الأشغال الشاقة عن عشر سنوات
ويمكن إبلاغها إلى خمس عشرة سنة إذا كان المجرم قد استمع دون أن يحلف اليمين خفض نصف العقوبة.
ثالثا – الاعفاء من العقوبة :
فتح القانون الباب أمام عودة الشاهد عن كذبه حرصا منه على احقاق الحق وحرصا منه على حسن سير القضاء
حيث يعفى من العقوبة لشاهد الذي أدى الشهادة في أثناء تحقيق جزائي إذا رجع عن الإفادة الكاذبة قبل أن يختم التحقيق ويقدم بحقه إخبار ،
كما يعفى من العقوبة الشاهد الذي شهد في أية محاكمة إذا رجع عن قوله قبل أي حكم في أساس الدعوى ولو غير مبرم
كذلك يعفى من جريمة الشهادة الكاذبة في قانون العقوبات من العقوبة الشاهد الذي يتعرض حتماً
إذا قال الحقيقة لخطر جسيم له مساس بالحرية أو الشرف أو يعرض
لهذا الخطر وزوجة ولو طالقاً أو أحد أصوله أو فروعه أو أخوته أو أخواته أو أصهاره من الدرجات نفسها
كما تخفض العقوبة عن الشخص الذي أديت شهادة الزور بتحريض منه إذا كان الشاهد يعرضه حتماً لو قال الحقيقة أو يعرض أحد أقربائه لخطر جسيم .