معاناة غالبية اللاجئين السوريين ممّن تزوجوا وأنجبوا بعد فرارهم من أتون الحرب الدائرة في بلادهم
تتقاسم المسؤولية قيود في قانون الأحوال الشخصية التركية تحول دون توثيق شهادات الزواج قبل إثبات عزوبية الراغبين بالاقتران من بلدهما الأصلي وعدم قدرة المنظمات الأممية على إيجاد آلية توثيق موازية أو متداخلة مع إجراءات الدولة المضيفة.
ويعاني اللاجئون من القنصلية السورية الذي تتأخر بتأمين الوثائق المطلوبة لمن يصنفهم ضمن خانة “إرهابي” أو “فار من الخدمة العسكرية” أو معارض يستوجب العقاب منذ غادروا بلادهم، وكذلك من عبثية جهود الحكومة السورية المؤقتة التي تعمل غالبية وزاراتها من مدينة غازي عنتاب التركية، المحاذية للحدود السورية، لكن اسطنبول لا تعترف بأي وثائق شخصية ـ بطاقة هوية أو جواز سفر أو أوراق شخصية صادرة عنها،
أما المنظمات الدولية فتعجز عن إجبار الحكومة التركية على تصويب هذه الملفات القانونية المتداخلة بحقوق الإنسان، بسبب ضرورات الحصول على تعاون أنقرة لتسهيل مهامها الإنسانية.
يفاقم معاناة اللاجئين حدّة التنافس بين حزب التنمية والعدالة الحاكم ذي الجذور الإسلامية والمعارضة السياسية، التي توعّد أحد قادتها، كمال كليجيدار أوغلو، زعيم حزب “الشعب الجمهوري”، بإخراج السوريين من بلاده إن فاز حزبه بالانتخابات المقررة في 6 يونيو/ حزيران 2015.
السلطات التركية، التي تصنّف بـ”الضيوف” أكثر من 1.6 مليون لاجئ سوري، بعضهم يقيم داخل 23 مخيماً موزعة على عشر ولايات، ترفض تسجيل أي عقد قران ما لم يستوف الزوجان ـ إما سوريان أو أحدهما تركي والآخر سوري ـ الشروط المدنية القانونية.
تركيا تدرك أنها تخالف بذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يفرض على الدول المضيفة القيام بإجراءات تسجيل اللاجئين فيها بحيث لا يترك أي شخص بدون تسجيل أو وثائق.
لكن، بحسب أيتين ماهكوبيان، كبير مستشاري رئيس الوزراء داود أوغلو سابقا، تتعامل تركيا مع ملف السوريين “كقضية سياسية داخلية وليست إنسانية”. يشرح ماهكوبيان لكاتب التحقيق: “لا نتحدث عن لاجئ أو اثنين… بل نتعامل مع أكثر من 1.6 مليون سوري. ومع حدود لا نستطيع إغلاقها لكي لا نتعرض لنقد المجتمع الدولي”. ويضيف: “نعلم حجم الكارثة الإنسانية للسوريين في بلدنا ونعمل في الحكومة على تفعيل قرارات جديدة بعد الانتخابات في ما يخص السوريين”.
معاناة غالبية اللاجئين السوريين
وفي غياب إحصائيات رسمية تركية عن حالات الزواج والطلاق والولادات في ما يتعلق بالسوريين والسوريات، وثّق كاتب التحقيق 30 حال إنسانية لمتضرري الحرب ممّن تزوجوا وأنجبوا في تركيا.