عندما تكون القوانين البشرية هي مجرد مخطوطات لا يحترمها الإنسان ولا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به ويستطيع الأقوى فرض نفسه على الضعيف رغم أنه صاحب الحق لا يمكن أن ننسب هذه القوانين للبشر إنما لقانون الغاب الغابة هي مكان للوحوش الضارية، التي تفترس بعضها البعض، لتأكل وتتغذى وأحيانا تقتل بعضها البعض لأن أحدها اعتدى على الآخر دون رغبة في أكله.
تراها تمزق أجساد بعضها البعض وهي حية وصوت أنين الحيوان المفتَرَس (بفتح الراء) من الموت النازل به يخرج، لا رحمة لهذا الحيوان، المهم أن يتغذى الحيوان المفترِس (بكسر الراء)، قوانين تضبط الغابة لا تخرج الحيوانات عنها، فلم نسمع عن أسد مثلا بحث عن جميع الأسود ليقتلها، وإنما يقاتل من يعتدي عليه أو على منطقته، وكذلك الكثير من الحيوانات لا تقتل إلا إذا جاعت، فلا تقتل لتتسلى، فهناك قانون يحكمها لا تخرج عنه.
منذ الأزل والإنسان يتتلمذ على أيدي مخلوقات الغابة، فكلما تعمق في دراسة سلوكها ازداد يقينا بجهله وأنه فعلا لم يُأتى من العلم إلا قليلا، فلذلك كان للغابة قانون يحكمها، ولا تنفلت الحيوانات منه، والسؤال الذي يطرح، ماذا يمكن أن نقول عن الوضع الراهن الذي يحياه البشر، هل يشبه قانون الغابة، أم هو نظام بشري أفضل من قانون الغابة، أم هو أحط من قانون الغابة.
إن عالم الحيوانات وكل الكائنات الحية التي تشاركنا الحياة في هذا الكوكب لجديرة بالاحترام والتقدير، فالمعلم المحترم “الغراب” هو أول من علم الإنسان طريقة الدفن، لأن ابن آدم عرف القتل قبل علمه بكيفية التخلص من الجثة، عندما يتم تبرير منطق القوة الغاشمة، وتسويغ الظلم والاعتراف به أمراً واقعاً، فهذا يعني وضع قواعد جديدة لعالم بلا ضوابط وبلا أخلاق، لا قيمة فيه لقانون دولي أو شرعية دولية أو حقوق إنسان.
كان يمكن لنا أن نفهم أن يقوم الرئيس الأمريكي إذ بتوقيع قرار يمنح بموجبه «إسرائيل» ولاية كاليفورنيا أو ولاية فلوريدا أو نيويورك أو أية ولاية أخرى هدية لحليفه نتنياهو باعتبارها أرضاً أمريكية، فهذا حقه كرئيس أمريكي لديه صلاحية توقيع أمر رئاسي يتصرف بموجبه بأرض أمريكية، لكن من أعطاه الحق في أن يتصرف بأرض لا يملكها ويقدمها هدية لمن لا يستحقها.
في مطلق الأحوال.. إن هذا العدوان المتمثل بقرار زائف لن يغير التاريخ والجغرافيا وسيظل حبراً على ورق ولن يساوي أكثر من الحبر الذي كتب به لكن ان يعتبر الإنسان نفسه بشر يزدري الحيوانات ويتعامل بقانون الغاب هنا تكون الطامة الكبرى.
عندما تكون القوانين البشرية هي مجرد مخطوطات ماعلينا الا الرجوع لقوانين الله لانها دستور باقي