يعد العمل غير المشروع مصدراً عاماً من مصادر الالتزام في الشرائع القانونية كافة، ويطلق على الالتزام الناشئ من هذا المصدر اصطلاح المسؤولية التقصيرية، ويسمى المدين بالالتزام الناشئ من العمل غير المشروع بالمسؤول.
فالتعبير عن الفعل غير المشروع بالمسؤولية التقصيرية من باب تسمية الشيء بأثره؛ لأن المسؤولية بوجه عام هي أثر للعمل غير المشروع. إن المسؤولية هي الجزاء على مخالفة الالتزام، فإذا كان الالتزام أخلاقياً فإنه يرتب مسؤولية أخلاقية تتمثل في تأنيب الضمير واستهجان المجتمع، وإن كان الالتزام قانونياً فإنه يرتب مسؤولية تكون قانونية، وقد يكون الجزاء فيها عقابياً فتكون المسؤولية جزائية وقد يكون الجزاء مدنياً، فتكون المسؤولية مدنية. والمسؤولية المدنية هي التزام المدين بتعويض الضرر الذي ترتب على إخلاله بالالتزام القانوني المفروض عليه، فإذا كان مصدر هذا الالتزام تصرفاً قانونياً، عقداً أو إرادة منفردة كانت المسؤولية المدنية عقدية. وإذا كان مصدر الالتزام واقعة قانونية أخرى فإن المسؤولية المدنية تكون تقصيرية وهي موضوع البحث. ولعل اصطلاح علماء القانون المدني على تسمية الفعل غير المشروع بالمسؤولية التقصيرية فمن أجل تمييزها من المسؤولية العقدية ذلك أن الإخلال بالالتزام العقدي هو فعل غير مشروع أيضاً، ومع ذلك فإن ما سار عليه المشرع في القانون
ـ في القانون الروماني: طوال عصور تطور القانون الروماني ظل خالياً من نظرية عامة في المسؤولية التقصيرية. فقد حدد أفعالاً معينة وألزم مرتكبيها بدفع غرامة مالية إذا توافرت شروط معينة، وذلك على الرغم من مجهودات البريتور (من مناصب الحكام في العصر الجمهوري ويشرف على القضاء) والفقه في التوسع في تفسير هذه الأفعال وما تستلزمه من شروط. كما ظلت المسؤولية الناشئة من الفعل غير المشروع الجريمة في القانون الروماني مسؤولية جزائية، والمجني عليه هو صاحب الحق في الدعوى علاوة على ما للدولة من دعوى عامة في الجرائم العامة. وكانت العقوبة التي توقع على الجاني هي غرامة مالية خاصة يتقاضاها المجني عليه، ولا تقدر بقدر الضرر وحسب لأن فيها معنى العقوبة لا مجرد جبر الضرر، وهذه الجرائم هي: فصل أحد أعضاء الجسم البشري أو شله أو بتره ـ كسر عظم إنسانـ الاعتداء البسيط مثل الصفع ـ السرقة ـ الإضرار بأموال الغير من دون وجه حق بأفعال محددة هي قتل عبد أو حيوان أو جرح عبد أو حيوان يعيش في قطيع ـ جرح أو موت حيوان لا يعيش في قطيع ـ حرق أي شيء مادي آخر أو كسره أو قطعه. وكان ذلك بموجب قانون أكويليا الذي حدد حصراً صور الإضرار بمال الغير من دون وجه حق بالقتل والجرح والحرق والكسر والقطع، إلا أن الفقهاء والبريتور وسعوا هذه الصور لتشمل كل حالات إتلاف أموال الغير. وأخيراً الجرائم البريتورية، وهي التي تدخل البريتور وقرر عقوبات على بعض الأفعال الضارة في منشورة وهي الغش والإكراه وغش الدائنين.
يعد العمل غير المشروع جزء لا يتجزأ من الجرائم التي يعاقب عليها القانون من الازل حتى اليوم